أجمل قصص الصحابةمؤاخاة عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع روي أنّ الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف لمّا هاجر إلى المدينة آخى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بينه وبين صاحبه سعد بن الربيع الذي كان صاحب أموالٍ كثيرةٍ، فأخبر عبد الرحمن بأنّه سيتنازل له عن نصف ماله وعن زوجةٍ من زوجاته ليتزوّجها.[١] فما كان ردّ عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- إلّا أن قال له: "بارك الله لك في مالك وأهلك؛ بل دلّوني على السوق"،[١] ويُذكر أنّه كان صاحب تجارةٍ عظيمةٍ بعد ذلك، وكان يتصدّق على جيوش المسلمين وفقرائهم بمئات الآلاف من الدنانير.[٢]
أبو الدحداح ونخلة الجنة اختصم غلامٌ يتيمٌ مع رجلٍ من الصحابة كان له نخلةً، وكان اليتيم يريد بناء سورٍ حول شجره، وقد اعترضت تلك النخلة طريق السور، فذهب اليتيم إلى النبي يذكر له حاله، فطلب النبي من الرجل أن يتنازل عن نخلته فأبى، فطلب النبي أن يهبها له فأبى.[٣][٤] فرغّبه النبي أن يكون له بديلٌ عنها في الجنة فأبى، وكان حينئذٍ أبو الدحداح يراقب ما يحصل، ولمّا رأى رفض الرجل هذه العروض رغب في نيل ذلك الأجر، فقدّم للرجل بستاناً مقابل أن ينال أبو الدحداح نخلة الجنة.[٣][٤]
شجاعة أبي بكر في الدفاع عن النبي كان لأبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- مواقف خالدة في الدفاع عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وردِّ أذى قريش عنه، ومن هذه المواقف ما ورد في صحيح البخاري أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُصلّي، فقدم عليه عقبة بن أبي مُعيط -أحد كفّار مكّة- وجعل يخنقه بردائه، فدفع أبو بكر عقبة عن رسول الله، وصار يقول: "أتقتلون رجلًا أن يقول ربّي الله؟ وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم".[٥] ومن الصحابة الذين شهدوا بشجاعة أبي بكر وبيّنوا أنّه من أشجع الناس علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فقد سأل أصحابه حينما كان خليفةً للمسلمين عن أشجع الناس برأيهم، فأخبروه أنّه هو، فأجابهم بأنّ هناك من هو أشجع منه وهو أبو بكر، وذكر لهم بعضًا من مواقف شجاعته.[٥] ومنها ما كان من أبي بكر -رضي الله عنه- في غزوة بدر حيث كان ملازمًا لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يخشى أن يُصيبه المشركون بأيّ أذى، فيُقدّم روحه دفاعًا عن رسول الله، وكان حاملًا لسيفه يضرب به كلّ من يقترب من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يريد قتله والنوال منه.[٥] ومن هذه المواقف أيضًا ما حصل من قريش في أحد الأيام، حيث جعلوا يتجاذبون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويقولون له: أنت الذي جعلت الآلهة إلهًا واحدًا؟ ولم يقترب منه أحد من الصحابة إلّا أبا بكر الذي دافع عنه وجعل يُبعد المشركين عنه، ويقول لهم: ويلكم أتقتلون رجلًا أن يقول ربّي الله.[٥]
شهامة عثمان بن طلحة كان لعثمان بن طلحة -رضي الله عنه- موقف عظيم يُبيّن مدى شهامته ورجولته حتّى قبل إسلامه، وذلك أنّه لما أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه بالهجرة إلى المدينة هاجر أبو سلمة مصطحبًا معه زوجته أم سلمة وابنه الصغير، ولكنّ قبيلة أم سلمة منعوها من الرحيل مع زوجها وأخذوها إلى ديارهم، فقام بنو أبي سلمة بأخذ الصغير منها ردًّا على ما فعله أهلها.[٦] فظلّت أم سلمة -رضي الله عنها- حزينةً تشكو فراق زوجها وابنها قريبًا من السنة حتّى قام أهلها بتركها تذهب إلى زوجها، فهاجرت مع ابنها الصغير تطلب المدينة، وفي الطريق رأت عثمان بن طلحة وكان ذلك قبل أن يدخل في الإسلام، وكان ذلك في منطقة تُسمّى بالتنعيم قريبة من مكة، فلمّا رآها وحيدةً سألها عن وجهتها وهل معها أحد.[٦] فلمّا أخبرته أنّها تريد اللحاق بزوجها وأنّه ليس معها إلّا الله وابنها الصغير سار معها طلحة وأرشدها إلى مكان زوجها، وقد وصفت أم سلمة -رضي الله عنه- شهامة عثمان بن طلحة، وكرمه، وحُسن أخلاقه في تلك الرحلة،[٦] وقد أسلم -رضي الله عنه- في هدنة الحُديبية في السنة الثامنة للهجرة وهاجر إلى المدينة مع خالد بن الوليد -رضي الله عنه-.[٧] وقد كان مفتاح الكعبة بيد عثمان بن طلحة وأعطاه لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوم فتح مكة، ولكنّ رسول الله أبقاه معه وأعلن بين الناس أنّ هذه المهمة ستظل من اختصاص بني شيبة وهم قبيلة عثمان، وفي هذا تكريم لعثمان ولقبيلته.[٧]
نيل أم عمارة شرف الدفاع عن النبي كانت أم عمارة -رضي الله عنها- من الصحابيات الشجاعات اللواتي يُشاركن في المعارك والغزوات، وقد سجّل التاريخ موقفها في غزوة أحد، وذلك عندما زادت حدّة المعركة واجتمع المشركون حول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يريدون قتله، وأقبل عليه رجل اسمه ابن قميئة وهو يقول: دلوني على محمد لا نجوت إن نجا.[٨] فوقفت أم عمارة -رضي الله عنها- في طريقه تريد صدّه ومعها مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، ولكنّه استُشهد في تلك الأثناء فظلّت أم عمارة وحدها، فوقفت في وجه الكافر الذي ضربها ضربةً بالغة في عنقها ولكنّها ظلّت قوية واستمرت في الدفاع، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يراها وقد أُصيبت بعدد كبير من الجروح.[٨] فنادى ابنها وطلب إليه أن يعصب جراح أمّه ودعا لهم بالبركة، فلمّا سمعت أم عمارة صوت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- طلبت منه أن يدعو لهم بمرافقته في الجنّة، فاستجاب رسول الله لطلبها، وكانت فرحتها عظيمة بذلك.[٨] ولمّا عادت إلى المدينة أرادت الخروج مرّة أخرى عندما دعا رسول الله من شارك بالغزوة أن يخرج معه، ولكنّها لم تستطع ذلك لشدّة جراحها،[٨] وظلّت حولها نساء المسلمين يضمّدن جراحها ويعالجنها، وقد سأل عنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أيّام من إصابتها فأخبروه بأنّها بصحة وسلامة.[٨]
امتناع عثمان بن عفان عن الطواف حول الكعبة قبل النبي كان عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- هو رسول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى قريش قُبيل حدوث صُلح الحديبية، فقد مكث رسول الله وأصحابه في الحديبية وأرسل عثمان ليُخبر قريشًا أنّهم جاؤوا يُريدون العمرة ولا يريدون القتال، ويُطمئن المسلمين الذين ما زالوا في مكة باقتراب النصر وظهور دين الله في مكة.[٩] فقام عثمان بما طُلب منه وبقي في مكة أيامًا، وفي أثناء ذلك قدم سُهيل بن عمرو إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتمّ الصُلح، فقال بعض الصحابة ربّما عثمان قد طاف بالبيت، ولكنّ رسول الله أخبرهم بأنّ عثمان لن يطوف والمسلمين ما زالوا في الحديبية محرومين من الطواف بالبيت، فلمّا قدم عثمان إليهم أخبروه بما قيل وكيف كان جواب رسول الله لهم.[٩] فقال لهم عثمان: "بئس ما ظننتم بي فوالذي نفسي بيده لو مكثت بها مقيما سنة ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مقيم بالحديبية ما طفت بها حتّى يطوف بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأَبَيْت"، وهذا يُبيّن مدى حب عثمان واحترامه لرسول الله، ولكنّ هذا الأثر ضعيف وإن كانت قصة إرسال عثمان إلى قريش في صلح الحديبية ثابتة.[٩]
تنازع الصحابة رغبةً في تربية أمامة بنت حمزة إنّ الصحابة الكرام كانوا سبّاقين لفعل الخيرات وعمل الصالحات، ومن هذا كفالة اليتيم، فعندما أراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الخروج من مكة عند قيامه بعمرة القضاء، تبعته أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب وهي تنادي: يا عم يا عم، وقد كانت يتيمة، فحمزة -رضي الله عنه- كان من الصحابة الذين قُتلوا في غزوة أُحد.[١٠] فتنازع في حضانتها وإرادة تربيتها ثلاثة من الصحابة الكرام؛ وهم علي بن أبي طالب، وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة -رضي الله عنهم-، فقال علي: إنّها ابنة عمّي وأنا أخذتها أولًا، وقال جعفر: هي ابنة عمّي أيضًا وزوجتي تكون خالتها، وقال زيد: إنّها ابنة أخي؛ لأنّه كان أخًا لحمزة من الرضاعة.[١٠] فقضى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بينهم وحكم بها لجعفر؛ لأنّ خالتها تكون زوجته والخالة بمنزلة الأم، وطيّب قلوب أصحابه بكلمات لطيفة،[١٠] وكان هذا أفضل لأمامة بأن تكون عند خالتها، ولأنّ جعفر بن أبي طالب كان أيسر حالًا من علي وزيد، فالصحابة الكرام بالرغم من قلّة أموالهم يتنافسون فيما بينهم لنوال شرف كفالة اليتيم وأخذ الأجر على ذلك.[١١]